أظن اختصار توم هانكس كان دقيقا جدا حين قال عنها: (ببساطة هي رواية عن رجل يذهب إلى الكلية ويصبح مدرسًا. لكنها واحدة من أروع الأشياء التي ستصادفها على الإطلاق.) طبعا لا اتفق معه في الجملة الاخيرة ليست من أروع في نظري لكنها حتما ستخلد في ذهنك كأغرب شخصية روائية مملة يمكن أن تصادفك في مسيرتك القرائية!!
ويليام ستونر البطل الممل جدا والذي تسير معه في مراحل حياته بثقل مستفز يدفعك في كل مرحلة للتشوق للمرحلة التالية التي قد يتغير فيها ستونر ؛ لكن خيبتك تزداد بازدياد مللك من لا مبالاته وانقياده لعادية الحياة الغارقة في الرتابة والتكرار الفج.
تشعر بانحناءه وعجزه يتسرب إليك؛ بالرغم من اشمئزازك من سلبيته المقيته، ونفورك من علاقته المربكة مع والديه اللذين لا ترى فرق بينهما وبين جفاف الأرض التي يملكونها، فحضورهما في الرواية كان قاحل ومتآكل يصور بدقة كيف هو شكل العلاقات العائلية المتآكلة الخالية من دف العائلة وحميميتها!! ولا تختلف كثيرا الصورة الاخرى للعائلة التي انشأها ستونر؛ فعلاقته بإديث "زوجته" هشة، مرتبكة، خالية من حميمية العائلة وتواصلها الحيوي أما علاقته العاجزة بابنته التي احبها جدا فتمثل الجانب الضعيف في هيكل الرواية، وقد يختلف معي المعجبون بالرواية ويرون هذا جزء من شخصيته السلبية، لكنني أرى أن السلبية والضعف مهما سيطرا على حياة الشخص فسيكون دوما هناك جانب لا يمكن أن تطاله تلك السلبية وهو الجانب الأبوي الذي لا بد أن يدفعه لفعل شيء ما يوقف به ضياع ابنته.
وفي الجانب المقابل كانت علاقته بصديقيه ديف وجوردن مختلفة بل فارقة جدا وهذا يدفعك للتفكير في واقعية الشخصية فهذا التناقض لا يكون إلا من شخصية كـشخصية ستونر !!
أحداث الرواية مملة جدا وثقيلة جدا وقد لا ينهيها من يبحث عن المتعة في قراءة الروايات ؛ وقد ظننت أني لن أكملها أبدا .. لكن سحر ما في اسلوب المؤلف وطريقته في سرد الاحداث المستفزة جعلتني استمر وشيء من أمل قليل بأن تكون النهاية أسعد مما نتوقع خاصة بعد أن تعرف على كاثرين، لكن ولأن المؤلف كان يصر على حرمان البطل والقارئ من السعادة، ابقى ستونر كما هو؛ يتعامل مع الحياة بسلبية مستفزة ويترك لها زمام القياد لتسير به كيفما اتفق ... لذا كانت النهاية مستحقة جدا ومنطقية جدا وتليق بكل هذا الملل الثقيل الذي قبلت به بكل رحابة صدر !!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق